عادل القليعي يكتب : روحانيات.. بالله لا تقولوا وداعا رمضان

عادل القليعي
عادل القليعي

سبحانك اللهم وبحمدك ، نشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك تفردت بالوحدانية وتحققت بالألوهية وعبدت بالربوبية ، فما لنا إله ولا رب سواك.
جعلت الأيام والشهور والسنون لنعدها عدا فالفائز من أيقن بسرعان انقضاءها ومرورها ، والسعيد من اغتنمها فى طاعتك.
ما أن ننتظر رؤية هلال الخير والبركات متأهبين مستعدين لاستقباله ، استعدادا ماديا ومعنويا ، وما أن تعلن المآذن قدوم أول ليلة من لياليه ، إلا وسرعان ما تتفلت منا أيامه مسرعة ، وكأنما هو ضيف خفيف الظل ، طيب الخاطر ، نسيم ربيعه يهفف على قلوبنا وأفئدتنا بل وتسعد وتلتذ به أيامنا ، إلا ويلملم أوراقه صعودا إلى رب كريم ، شافعا مشفعا فينا ، قائلا لربه ، أي ربي حرمتهم الطعام والشراب والشهوة فى نهاري ، وايقظتهم ليلي سجدا وقياما يرجون رحمتك وعفوك فشفعني فيهم فيتجلى الله تعالى ويشفع الصيام فينا ، بل ويأخذ بأيدينا إلى باب فى الجنة يوصلنا إليه ألا وهو الريان لا يدخله إلا الصائمون.
ما هذه المكرمات يا رمضان ألهذا الحد نحن محبوبون ومقربون إليك ، ليس هذا وحسب حتى إذا ما آتي آخر يوم فى رمضان إلا وأن يتعطف علينا الكريم فيعتق رقاب عدد من كان قدأعتقهم فى كل يوم من رمضان ، (فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز).
نعم فمن أدخله الله الجنة فقد فاز فوزا عظيما ، ليس هذا وحسب بل وتأتي الجائزة العظمى والملائكة على الطرقات يوم العيد وعلى أبواب المساجد وأماكن الصلوات يستقبلون مهللين مكبرين سائلين المولى لنا العفو والعافية ، مهنئين لنا أن وفقنا الله تعالى لصيام نهاره وقيام ليله فيتجلي الجليل اشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لهم.
أما تعلمون أن العمال اوشكوا على الانتهاء من أعمالهم المكلفون بها.
ويأتي العيد مبتهجا سعيدا مسرورا بوجهه الصبوح مبتسما أتيت إليكم فافرحوا وامرحوا وهللوا وكبروا على ما هداكم الله إليه (ولتكبروا الله على ما هداكم)، وعلى آلاه العظيمة ونعمه التى لا تعد ولا تحصى ، فهيا أقيموا صلاتكم وعظموا شعائر الله واصطحبوا أولادكم ونساءكم إلى الساحات واعلنوها للدنيا أن أمة محمد باقية لا ولن تفنى أبدا مهما حاول المغرضون الكارهون للحياة ، هيا املاوا الدنيا تكبيرا ليصل إلى أعنان معظمين الله تعالى ، هيا تزاوروا وصلوا أرحامكم  وكلوا واشربوا ولا تسرفوا ، وألبسوا أحسن الثياب والحلل البهية دونما إفراط أو تفريط.
وألعبوا وأمرحوا دونما إيذاء لبعضكم البعض ، فدعوا عنكم كل ما يعكر صفو عيدكم من ألعاب نارية ومفرقات وصواريخ ومسدسات خرز ، اشتروا لاولادكم هدايا ترقق القلوب ، كفانا صواريخ وقنابل ومعارك ، ادخلوا البهجة على آبائكم وامهاتكم زوروهم فهم فى أمس الحاجة إلى ودكم وأن تعذر الذهاب إليهم لبعد البلاد والمسافات فوسائل الإتصالات الحديثة قربت المسافات ، ودوا أصدقائكم ولا تبخلوا عليهم.
بالله عليكم لا تقولوا وداعا رمضان ولكن قولوا إلى لقاء يا رمضان الخيرات والمحبات والمودات والرحمات والمكرمات، (ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبا).
لا تقولوا وداعا وإنما قولوا استودعناك أمانة عند خير من يصونها الله تعالى ، (فالله خير حافظا وهو ارحم الراحمين)، ولا تقولوا إنا على فراقك لمحزونون فرمضان وان كان تركنا أياما أو شهر أو عدة نعتدها ، إلا إنه باق فينا وفي أعمالنا وفي قلوبنا فلنفتش فى أنفسنا ونبحث حالنا قبله وفيه ومعه وبعده.
إذا وجدناه بداخلنا فهو لم يغادرنا ، بل موجود فينا نتخلق بأخلاقه ونعمل بمكرماته وخيراته بقية شهور العام.
مثلما كان رسول الله صل الله عليه وسلم وصحابته يفعلون ما أن تنقضي أيامه وتنقضي عدته ألا ويعدوا العدة بالأعمال الصالحة لانتظاره فكأن العام كله عندهم رمضان.
فاعدوا العدة وتزودوا من رمضان لرمضان العام القادم ، وما اسرعها الأيام في ذهابا ومجيئها.
(وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب)
كل عام وأنتم بخير وصحة وعافية.
كل عام ومصرنا الغالية بخير وسعادة
كل عام وأمتنا العربية والإسلامية بخير.
لا تنسوا إخوانكم فى غزة العزة الأبية كرامة أمتنا الإسلامية.
فاللهم نصرا عزيزا مؤزرا.
أستاذ الفلسفة الإسلامية ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان.